الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت تلك الكلمة صدرت من أبيك في حال ذهول وغياب للعقل فلا إثم عليه بذلك، وأما إن كانت صدرت منه حال إدراكه ووعيه بما يقول، فإن كانت سباً لله تعالى -كما يظهر- فهي ردة، والعياذ بالله، فإن كان أبوك قد نطق الشهادتين بعدها، أو صلى، فقد عاد إلى الإسلام، ولكن يجب عليه قضاء هذا اليوم الذي ارتد في أثنائه، لأن الردة من مبطلات الصيام.
قال ابن قدامة رحمه الله: لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي أَنَّ مِنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّوْمِ، أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ. سَوَاءٌ أَسْلَمَ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ، أَوْ بَعْدَ انْقِضَائِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ رِدَّتُهُ بِاعْتِقَادِهِ مَا يَكْفُرُ بِهِ، أَوْ شَكِّهِ فِيمَا يَكْفُرُ بِالشَّكِّ فِيهِ، أَوْ بِالنُّطْقِ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ، مُسْتَهْزِئًا أَوْ غَيْرَ مُسْتَهْزِئٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65] {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 66] . وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مِنْ شَرْطِهَا النِّيَّةُ، فَأَبْطَلَتْهَا الرِّدَّةُ، كَالصَّلَاةِ وَالْحَجَّ، وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ، فَنَافَاهَا الْكُفْرُ، كَالصَّلَاةِ. انتهى.
ومن ثم فعليك أن تذكر أباك، بتلك الواقعة، وتبين له حكم الشرع فيها على ما ذكرناه، وليكن ذلك بلين ورفق وأدب تام.
والله أعلم.