الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه المعاملة تحتمل أن تكونوا مجرد وكلاء عن أصحاب البضاعة في بيعها، وما بقي منها تردونه إليهم، وهذا لا حرج فيه.
وتحتمل أنكم تشترون البضاعة من بائع الجملة، بشرط رد ما لم يبع منها، وهذا يسمى ببيع التصريف، وهو محل خلاف بين أهل العلم، والأكثر على بطلانه، قال الشيخ ابن عثيمين في لقاء الباب المفتوح في بيع التصريف: صورته: أن يقول: بعت عليك هذه البضاعة، فما تصرف منها، فهو على بيعه، وما لم يتصرف، فرده إليَّ، وهذه المعاملة حرام؛ وذلك لأنها تؤدي إلى الجهل ولا بد، إذ إن كلًّا من البائع والمشتري لا يدري ماذا يتصرف من هذه البضاعة، فتعود المسألة إلى الجهالة، وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر، وهذا لا شك أنه من الغرر، ولكن إذا كان لا بد أن يتصرف الطرفان هذا التصرف، فليقل من له السلعة: خذ هذه، وبعها بالوكالة، وليجعل له أجرًا على وكالته، فيحصل بذلك المقصود للطرفين، فيكون هذا الثاني وكيلًا عن الأول بأجرة، ولا بأس بذلك. اهـ. وبنحو ذلك قال الشيخ الشنقيطي في شرح زاد المستقنع.
وقد رجّح الشيخ ابن عثيمين في موضع آخر جواز هذا البيع، فقال في كتاب الإجارة من الشرح الممتع: مسألة التصريف لها طريقان: إما أن يوكله ـ يعني الذي أتى بالخبز، أو اللبن يوكّل البقّال ـ فيقول: خذ هذا بعه، ولك على كل كرتون كذا وكذا، فهذا جائز قولًا واحدًا؛ لأنه توكيل بعوض، فليس فيه إشكال، أو يقول على القول الراجح: هذه ـ مثلًا ـ عشرة صناديق هي عليك بمائة، كل صندوق بعشرة، وما لم تصرفه يرد بقسطه من الثمن، فهذا نرى أنه جائز؛ لأنه ليس على أحد الطرفين ضرر، وليس فيه ظلم، وصاحب السلعة مستعد لقبول ما تبقى، إذن المهم أن نحدد مقدار ثمن كل واحد، وحينئذٍ يكون صحيحًا. اهـ.
والله أعلم.