الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحاديث النفس التي لم تستقر فيها معفو عنها لا يؤاخذ بها الإنسان، لما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تكلم.
وقد يطلع الله الملائكة الموكلين بكتابة ما يفعله العبد على ما يدور في نفسه بدليل حديث كتابة الملك ما يهم به الإنسان، وانظر الفتوى: 96327.
والندم توبة -كما في الحديث- وهو مستلزم للعزم على عدم معاودة الذنب وللإقلاع عنه، فمن ندم على ذنبه ندما حقيقيا وتاب منه توبة صادقة تاب الله عليه، ولبيان سبل تحصيل الندم تنظر الفتوى: 134518.
قال الصنعاني في شرح حديث: الندم توبة، رواه أحمد وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه: (الندم توبة) أي هو ركن التوبة الأعظم؛ لأنه إذا ندم عزم على أن لا يعود واستغفر وتخلص مما يجب عليه. انتهى.
فمعنى الحديث على هذا أن الندم الحقيقي يستلزم التوبة الصادقة.
وقال القاري في مرقاة المفاتيح: (قَالَ: النَّدَمُ تَوْبَةٌ) أَيْ: رُكْنٌ أَعْظَمُهَا النَّدَامَةُ، إِذْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ مِنَ الْقَلْعِ وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَتَدَارُكِ الحقوق ما أمكن. انتهى.
والحاصل أن الندم تغفر به الذنوب إذا استتبع غيره من أركان التوبة، وهو إذا كان ندما حقيقيا استلزم غيره ولا بد.
والله أعلم.