الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت فيما فعلت، وما أنت عليه من الندم والحسرة دليل على صدق توبتك، وإنابتك، فاستغفر الله من ذنبك، واعزم على أداء هذا الحق إلى ورثة الرجل متى ما قدرت على ذلك، ولعل الله أن يعينك وييسر لك قضاءه، بسبب نيتك الصادقة، وحرصك على إبراء ذمتك من هذا الحق. ولو أدركك الموت قبل أن تستطيع قضاءه.
فيرجى أن يقضيه الله عنك، ودليل ذلك حديث: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: وظاهره يحيل المسألة المشهورة فيمن مات قبل الوفاء بغير تقصير منه؛ كأن يعسر مثلا، أو يفجأه الموت، وله مال مخبوء، وكانت نيته وفاء دينه، ولم يوف منه في الدنيا ....الظاهر أنه لا تبعة عليه، والحالة هذه في الآخرة، بحيث يؤخذ من حسناته لصاحب الدين؛ بل يتكفل الله عنه لصاحب الدين. اهـ.
وإذا وجدت سدادا فرد جميع المبلغ الذي أخذته إن كنت غير متيقن من ظلمه لك فيما اقتطع من راتبك، لأنه قد يكون مُحِقًّا في ذلك، وقد لا يكون، وعند التردد وعدم الجزم، فلا يباح لك حبس شيء من ذلك المبلغ، والبعد ليس بعذر لسهولة تحويل الأموال، وإمكان توكيل من يوصلها إلى أصحابها، ولا يلزم إعلامهم بكونك اختلستها، بل يكفي دفعها إليهم، وأنه حق كان لمورثهم عليك فحسب.
والله أعلم.