الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأناشيد المشتملة على موسيقى المعازف لا يجوز الاستماع إليها ولو كان مضمونها حسنا, فإن سماع المعازف محرم عند الجماهير من أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير، والخمر والمعازف. أخرجه البخاري.
وعليه؛ فلا يجوز لك حضور حفل التخرج الذي فيه تلك المعازف، والواجب إنكار هذا الأمر حسب الاستطاعة، فإن لم يفد الإنكار فلا تجوز المشاركة فيه ولا حضوره؛ لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ. {النساء: 140}.
قال ابن جرير الطبري ـرحمه الله-: وفي هذه الآية، الدلالة الواضحة على النهي عن مجالسة أهل الباطل من كل نوع، من المبتدعة والفسقة، عند خوضهم في باطلهم....اهــ.
ومثله قول القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسير هذه الآية: فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضِي فعلهم .... فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكِر عليهم، يكون معهم في الوِزر سواء، وينبغي أن ينكِر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعمِلوا بها، فإن لم يقدر على النكِير عليهم، فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. اهــ.
ومن المعلوم أن طاعة الوالدين مقيدة بما ليس فيه معصية لله تعالى، إذ طاعة الله تعالى وطاعة رسوله مقدمة على طاعة الناس جميعاً. أخرج البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.
والذي نرشد إليه محاولة إقناع والدك بأسلوب طيب أن هذه المعازف محرمة، وأن امتناعك عن الحضور إنما هو طاعة لله سبحانه وتعالى.
والله تعالى أعلم.