الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يجعلك لك من عسرك يسرا، ومن ضيقك مخرجا، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.
وأما ما سألت عنه فجوابه: أن الربا من المحرمات العظيمة، بل من كبائر الذنوب، ولا يجوز الإقدام عليه، مالم تلجئ إليه ضرورة معتبرة شرعا، والضرورة كما جاء في كتاب نظرية الضرورة الشرعية هي: أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس، أو بالعضو ـ أي عضو من أعضاء النفس ـ أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. اهـ.
وما ذكرته في سؤلك من قولك: "سألت كثيرين وقالوا لي بأنني مضطر وما علي من حرج" إذا كان من استفتيته، وعرضت عليه مسألتك، وما آل إليه أمرك، من أهل العلم والورع والصلاح، فلا حرج عليك في الأخذ بفتواه، فربما كان ما اطلع عليه من حالك مسوغا لما أفتاك به.
قال ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله: "من قلّد فيما ينزل به من أحكام الشريعة عالمًا يتفق له على علمه، فيصدر في ذلك عما يخبره به، فمعذور؛ لأنه قد أتى بما عليه، وأدى ما لزمه فيما نزل به لجهله، ولا بد له من تقليد عالم فيما جهل؛ لإجماع المسلمين أن المكفوف يقلد من يثق بخبره في القبلة؛ لأنه لا يقدر على أكثر من ذلك". اهـ.
وخلاصة القول أنه على المرء أن يتحرى الحلال، ويعلم أنه يعامل من لا تخفى عليه خافية من أمره، وإذا سأل فليذكر حقيقة واقعه، وليعلم أن فتوى المفتي لا تبيح الحرام؛ لأنه يجيب السائل على حسب ما ذكره في سؤاله فحسب، ولا يعلم الغيب.
وإن بقي لديك استشكال حول هذه المسألة، فاذهب إلى أحد أهل العلم من المختصين في هذا المجال، وتحرَّ من كان ورعا دينا، واسأله عما تستشكل، وما أفتاك به، فلا حرج عليك في العمل به.
والله أعلم.