الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى لزوجة أبيكم المغفرة والرحمة، وأن يصلح الحال بين أمك وأختك، إنه سميع مجيب.
وننصح بالاجتهاد في الإصلاح بينهما، فالسعي في الإصلاح بين الناس أجره عظيم، وثوابه جزيل، كما بيناه في الفتوى: 50300.
وينبغي أن يبين لهما أن بينهما رحما يجب أن توصل، ويحرم أن تقطع، وأن تذكر أختك خاصة بأن هذه خالتها، والخالة بمنزلة الأم، هذا بالإضافة إلى أنها زوجة أبيكم، وقد جعل الله تعالى زوجة الأب من المحرمات في النكاح فقال: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا {النساء:22}.
ومن حق زوجة أبيكم أن ترفض سكنى أختك معها في سكن واحد، ولها أن تطالب بمسكن مستقل، وراجع الفتوى 66191. ويجب على أبيكم أن يؤدي لها ما يستطيع من حقوقها عليه، وإن استقلت بالسكن.
وأما رعايته: فواجبة على الأولاد الذكور منهم والإناث كل بحسبه، جاء في فتاوى دار الإفتاء: رعاية الوالدين وبرهما، وخاصة عندما يكونان في حاجة إلى ذلك، أمر أوجبه الشرع الحكيم لهما على أبنائهما ذكورا وإناثا، فالواجب على الأبناء أن يقوموا بخدمة والديهم على أتم وجه، وهذا أمر يجب عليهم بالتساوي، وليس على أحدهم دون الآخر، وذلك بالقياس على وجوب الإنفاق.... وهذا يدخل ضمن الإحسان الذي أمر الله تعالى به في قوله: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {الإسراء:23}، قال ابن عاشور في تفسيره: وشمل الإحسان كل ما يصدق فيه هذا الجنس من الأقوال والأفعال والبذل والمواساة. اهـ .
وبخصوص مال أبيكم فهو حق له، وهو الذي يملك التصرف فيه ما دام عاقلا رشيدا. ولزوجته نفقتها من هذا المال بالمعروف، وأما نفقة ابنته المطلقة ففيها تفصيل، فقد تجب عليه، وقد لا تجب عليه، كما بيناه في الفتوى: 112279.
وإذا تغير عقله، وصار لا يحسن التصرف في ماله، فيرفع أمره إلى المحكمة الشرعية، وما يقوم مقامها كالمراكز الإسلامية في البلاد غير الإسلامية للنظر في أهليته، فهي وحدها المخولة بالحكم في أمر الحجر.
والله أعلم.