الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالجهر بالقراءة في الركعتين الأخيرتين من العشاء، أو الأخيرة من المغرب، وكذلك في الصلوات السرية، لا يشرع، ولكنه لا يبطل الصلاة، ولا يوجب سجود السهو؛ لكون الإسرار والجهر في موضعه مستحبًّا، قال النووي في شرح المهذب: لَوْ جَهَرَ فِي مَوْضِعِ الْإِسْرَارِ، أَوْ عَكَسَ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ، وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ فِيهِ، ولكنه ارتكب مَكْرُوهًا، هَذَا مَذْهَبُنَا، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقَالَ مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حنيفة، وإسحاق: يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. دَلِيلُنَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا ـ وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا سَبَقَ. انتهى.
وجاء في المغني لابن قدامة مع مختصر الخرقي: قوله: أو جهر في موضع تخافت، أو خافت في موضع جهر، وجملة ذلك أن الجهر والإخفات ـ في موضعهما ـ، من سنن الصلاة، لا تبطل الصلاة بتركه عمدًا. انتهى. وهذا الحكم في حالة كون الفعل على وجه الخطأ، والنسيان.
وهو كذلك إذا كان على جهة العمد، عند الجمهور، وفي قول عند المالكية بأن التعمد يبطلها، ففي الفواكه الدواني للنفراوي المالكي: وأما لو جهر في محل السر، أو أسر في محل الجهر عمدًا، فقيل: يستغفر الله، ولا تبطل صلاته، وقيل: تبطل.
والله أعلم.