الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحكم بحتمية استجابة القدر لإرادة الشعب: باطل، ظاهر البطلان، ومصادم لاعتقاد المسلم بأن إرادة الناس هي التابعة لإرادة الله الذي يقدر المقادير، لا العكس!!
وقضية الأخذ بالأسباب وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11]، لا تتعارض مع هذا الاعتقاد الحق، بل توافقه، وتؤيده، فالتغيير في الآية منسوب إلى الله تعالى، فهو الذي يغيّر ما بالناس حقيقةً، وإن كان ذلك بسبب تغيير الناس ما بأنفسهم، وحسبك في ذلك خاتمة الآية حيث يقول -سبحانه- بعدها: وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [الرعد:11].
قال ابن عطية في المحرر الوجيز: أخبر تعالى أنه {إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ}، ولا حفظ منه، وهذا جرى في طريقة التنبيه على قدرة الله تعالى، وإحاطته، والسوء والخير بمنزلة واحدة في أنهما إذا أرادهما الله بعبد لم يردا، لكنه خص السوء بالذكر؛ ليكون في الآية تخويف. اهـ.
وقال الماوردي في النكت والعيون: {وإذا أراد الله بقومٍ سوءًا فلا مرد له} فيه وجهان:
أحدهما: إذا أراد الله بهم عذابًا، فلا مرد لعذابه.
الثاني: إذا أراد بهم بلاء من أمراض وأسقام، فلا مرد لبلائه. اهـ.
وراجع للفائدة الفتاوى: 148935، 52019، 192371.
والله أعلم.