الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالزكاة فريضة من فرائض الله تعالى، لا بدّ أن يهتمّ بها المسلم، ففيها نماء، وتطهير ماله، ونفسه، وهي واجبة فيما بلغ نصابًا من المال، وحال عليه الحول، كما سبق بيانه في الفتوى: 353449.
والنصابُ من الأوراق النقدية الحالية، هو ما يساوي خمسة وثمانين غرامًا من الذهب الخالص تقريبًا، أو خمسمائة وخمسة وتسعين جرامًا من الفضة الخالصة، ويجب إخراج ربع العشر ـ اثنين ونصف في المائة ـ.
وعليه؛ فما لم يحل عليه الحول من راتبك، بأن كنت تستهلكه في النفقات، أو تجعله في مقتنيات أخرى، مثل عقارات للاستئجار، أو السكن، أو نحو ذلك، فلا زكاة عليك فيه؛ لفقد شرط من شروط وجوب الزكاة، وهو حولان الحول.
أما إن توفر عندك منه نصاب سواء كان من شهر واحد، أو أشهر، ثم استمر كذلك إلى أن حال عليه الحول؛ فقد وجبت عليك فيه الزكاة، ثم إن ما تحصل عندك بعد من الرواتب الأخرى، فإن له حكم المال المستفاد أثناء الحول، فأنت في زكاته بالخيار بين أمرين:
1ـ أن تجعل لكل ما استجد من راتب حولًا وحده ابتداء من تسلمه, فإذا حال عليه الحول، وجبت الزكاة, وإلا فلا.
2ـ الطريقة الأيسر لك, والأنفع للفقراء هي: أن تزكي جميع ما تملكه من النقود حينما يحول الحول على أول نصاب ملكته منها.
فإذا كنت ـ مثلًا ـ قد ملكتَ أول نصاب في شهر رمضان, فإذا جاء رمضان الذي بعده نظرت إلى ما ادّخرتَه من نقود، فأخرج الزكاة عن جميع الرصيد المدخر من الراتب، وغيره، وراجع الفتويين: 104394، 3922.
ولأجل معرفة وقت اكتمال النصاب عندك, ومقدار رصيدك المدخر، يمكن الرجوع إلى البنك، واستخراج كشف حساب مفصّل
فإن تعذر ذلك, فإنك تجتهد, وتتحرى بقدر ما تستطيع, وقد قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا {البقرة:286}.
ويقول الشيخ ابن عثيمين في فتاوى اللقاء المفتوح: أما تقدير الزكاة: فليتحرّ ما هو مقدار الزكاة بقدر ما يستطيع، ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، فعشرة آلاف مثلًا زكاتها في السنة كم؟ مائتان وخمسون، فإذا كان مقدار الزكاة مائتين وخمسين، فليخرج مائتين وخمسين عن السنوات الماضية عن كل سنة، إلا إذا كان في بعض السنوات قد زاد عن العشرة، فليخرج مقدار هذه الزيادة، وإن نقص في بعض السنوات، سقطت عنه زكاة النقص. انتهى.
وللمزيد عن كيفية حساب زكاة تلك السنين الماضية، انظر الفتوى: 121528.
والله أعلم.