الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما حديث: من أتى عرافًا، فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة. فرواه مسلم.
وليس معنى عدم قبول الصلاة في هذه المدة بطلانها، أو وجوب إعادتها، وإنما معناه: عدم ثوابها، أو قلته، أو عدم الرضى بهذا العمل، وراجع في ذلك الفتوى: 379498.
وأما حديث: من أتى كاهنًا أو عرافًا، فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد. رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني. فالكفر المذكور فيه قد يكون كفرًا أكبر، وقد يكون كفرًا أصغر، بحسب حال مصدق الكاهن، وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى: 340282، 178191، 313726.
وأما كيفية معاملة والدك، فكما أمر الله: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ. وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا [لقمان:14-15].
فيجب عليك الإحسان إليه، والرفق به، ومصاحبته بالمعروف، حتى ولو أمرك بمنكر، كالذهاب لعرّاف، أو ساحر، فلا تطعه في ذلك، وانصح له برفق، وأدب، قال الإمام أحمد: إذا رأى أباه على أمر يكرهه يعلمه بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. اهـ. من كتاب الآداب الشرعية.
ولا ننصحك بالذهاب لهذا العرّاف، ولو بغرض الإنكار عليه، إلا إن كنت تعلم من نفسك القدرة على ذلك، علمًا وعملًا؛ بحيث تستطيع بيان الحق له، ونصحه، وإقامة الحجة عليه، وفي الوقت نفسه يكون لك من العمل الصالح، والمحافظة على ذكر الله، ما يحفظك الله به من شره.
والله أعلم.