الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالزكاة قد تكفل الله تعالى بتحديد مصارفها في كتابه، وجعل مصارفها نوعين:
نوع عبر عن استحقاقه باللام التي تفيد التمليك، وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم، وهؤلاء لا بدّ من تمليكها لهم تمليكًا حقيقيًّا.
ونوع عبر عن استحقاقه بفي، وهم بقية الأصناف، قال تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].
وعليه؛ فلا بد أولًا من تمليك الزكاة للفقراء المذكورين للزكاة تمليكًا حقيقيًّا، فإذا ملكوها، فهم أحرار في التصرف بها، فإن شاؤوا استثمروها، وإن شاؤوا ضاربوا بها، وإن شاؤوا كوّنوا بها المشاريع المذكورة، أو غيرها من نشاطات تعود بالنفع عليهم.
ولا يكفي في ذلك التمليك أخذ الموافقة الصورية منهم على التصرف فيها، بل لا بد أن يكون ذلك باختيارهم، بلا شرط.
ونفس الشيء لا يجوز صرف الزكاة على الدورات التدريبية لتأهيل الفقراء وتدريبهم على الأمور الاستثمارية من أموال الزكاة، ما لم يتملكوها تملكًا حقيقيًّا، كما سبق، ثم إن أذنوا بذلك طوعًا، فلا بأس.
ولمزيد من الفائدة، راجع الفتويين: 152631، 79012، وما أحيل عليه فيهما.
والله أعلم.