الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
في البداية: نسأل الله تعالى لك الشفاء العاجل مما تعانينه من وساوس, وشكوك, وإحباط.
ويظهر أن كل ما تسألين عنه أوهام، وتخيلات من جراء تلك الوساوس.
فننصحك بالرجوع إلى الله تعالى، وكثرة التضرع إليه أن يذهبها عنك، ثم لا شيء أنفع لعلاجها من الإعراض عنها, وعدم الالتفات إليها, وراجعي الفتوى: 3086.
وقد سبق أن بينا في الفتوى: 2179 حكم العادة السرية, وذكرنا حرمتها, ولزوم التوبة النصوح منها، ونسأل الله أن يثبتنا وإياك.
ثم اعلمي أنه لا يجب الغسل بخروج المذي، ولا بمجرد فعل العادة السرية، وإنما يجب الغسل إذا ترتب على فعلها خروج المنيّ.
ومن ثم؛ فإذا لم تتحققي من خروج المني، فلا غسل عليك, ومواصفات مني المرأة، قد ذكرناها في الفتوى: 131658.
وبخصوص قولك: (عندما كنت أغتسل من الحيض، كنت أنوي رفع الحدث الأكبر، لكن دون أن أنوي الطهارة من الاستمناء)، فنقول: إن نية رفع الحدث الأكبر، يندرج تحتها الغسل من دم الحيض، كما يندرج تحتها خروج المني -على فرض خروجه منك-، سواء كان باستمناء أم بغير ذلك.
فعلى هذا؛ فمن نوت رفع الحدث الأكبر في غسلها، فإن هذه النية تكفيها عن الغسل من الحيض، والغسل من خروج المني.
وإنما اختلف العلماء إذا نوت الغسل من دم الحيض، ولم تنوِ الغسل من خروج المني، فقيل: لا يجزئها الغسل عنهما، وإنما يجزئها عما نوت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: وإنما لكل امرئ ما نوى. وقيل: يجزئها عنهما؛ لأنها نوت رفع حدث أكبر، قال ابن قدامة في المغني: فصل: إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل -كالحيض، والجنابة, أو التقاء الختانين, والإنزال- ونواهما بطهارته، أجزأه عنهما. قاله أكثر أهل العلم, منهم: عطاء, وأبو الزناد, وربيعة, ومالك, والشافعي, وإسحاق, وأصحاب الرأي, ويروى عن الحسن, والنخعي في الحائض الجنب يغتسل غسلين، وإن نوى أحدها, أو نوت المرأة الحيض دون الجنابة: فهل تجزئه عن الآخر؟ على وجهين: أحدهما: تجزئه عن الآخر؛ لأنه غسل صحيح, نوى به الفرض, فأجزأه, كما لو نوى استباحة الصلاة، والثانية: يجزئه عما نواه دون ما لم ينوه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وإنما لكل امرئ ما نوى. انتهى بتصرف.
وبناء على ما تقدم؛ فإنك ما لم تحققي تأدية عباداتك وأنت على جنابة، فإن صلاتك صحيحة، وطوافك في الحج والعمرة صحيح، ومن ثم؛ فإن التحلل من النسك قد حصل باكتمال أعماله، حجّا كان أو عمرة، ويكون النكاح صحيحًا، إن توفرت أركانه وشروطه، وانتفت موانعه.
والواضح أن الأمر لا يعدو الوساوس التي تملكتك، وجعلت حياتك وعباداتك عذابًا وإعناتًا.
والله أعلم.