الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا أن نفقة الزوجة تكون بالمعروف، وأنها على قدر ما يكفي المرأة، ويناسب مثلها، فراجعي الفتوى: 260233، والفتوى: 46090.
والعدل في حقكما أن يعطيك من النفقة ما يكفيك، ويعطي الأخرى ما يكفيها وأولادها.
سئل الشيخ ابن جبرين -كما في شرح أخصر المختصرات-: إذا كان عند رجل أكثر من امرأة، وإحداهن عندها أطفال، والأخريات ليس عندهن أطفال، هل يقال: بأنه لا بد من أن يعطي لجميع النساء مبلغاً واحداً من المال، أم إن المرأة التي عندها أولاد تستحق أكثر؟ وجزاكم الله خيرا.
فأجاب: يعطي الزوجات قدر حاجتهن، ويعطي الأولاد قدر حاجتهم، الأولاد نفقتهم نفقة أقارب، والزوجات نفقتهن نفقة معاوضة، فيسوي بين الزوجات في النفقة التي تخصهن، وأما الأولاد فيعطي أم أولاده نفقة أولادها، والتي ليس لها أولاد لا تطالبه ولا تقول: أعطوني مثل فلانة. يقول: ما أعطيتها شيئاً، إنما أعطيت أولادي. اهـ.
وبالنسبة لأثاث بيت الزوجية، فإنك تستحقين على زوجك ما لا غنى لك عنه. والمرجع في ذلك للعرف، كما أوضحنا في الفتوى: 159925.
فإن لم يوفره زوجك لك، وعثرت له على مال، جاز لك الأخذ من ماله دون علمه بمقدار ما تشترين به هذا الأثاث، وانظري الفتوى: 22917.
وهذا فيما إذا قصدت أنك تريدين أن تأخذي من ماله، وإن قصدت أن تشتري من مالك الخاص، فليس له منعك من ذلك.
وكذا الحال فيما إن توفر عندك شيء من مال النفقة، وتريدين أن تشتري منه، فلا يحق له أن يمنعك من ذلك؛ لأن هذه النفقة أصبحت ملكا لك.
قال البهوتي -الحنبلي- في الروض المربع: وتملكها ـ أي: الكسوة ـ بالقبض مع نفقة، أي وتملك النفقة أيضًا بالقبض... اهـ.
وقال ابن قدامة: وإذا دفع إليها نفقتها، فلها أن تتصرف فيها بما أحبت، من الصدقة، والهبة، والمعاوضة، ما لم يعد ذلك عليها بالضرر في بدنها، وضعف جسمها... اهـ.
والله أعلم.