الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك يشرب الخمر؛ فهو على خطر عظيم، فالخمر أمّ الخبائث، وشربها من أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله. وامتناعك من معاشرته بسبب شربه الخمر؛ إن كان بسبب تأذيك من رائحته؛ فلا حرج عليك في ذلك.
فقد جاء في فتاوى ابن حجر الهيتمي -رحمه الله-: وَسُئِلَ عَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ من تَمْكِينِ الزَّوْجِ لِتَشَعُّثِهِ، وَكَثْرَةِ أَوْسَاخِهِ. هل تَكُونُ نَاشِزَةً؟
فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَا تَكُونُ نَاشِزَةٌ بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ ما تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ على إزَالَتِهِ أَخْذًا مِمَّا في الْبَيَانِ عن النَّصِّ، أَنَّ كُلَّ ما يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ يَجِبُ على الزَّوْجِ إزَالَتُهُ. انتهى من الفتاوى الفقهية الكبرى.
وأمّا إذا كان امتناعك من معاشرته زجرًا له عن هذه المنكر؛ فأكثر أهل العلم على عدم جواز ذلك، وبعض أهل العلم يرى جوازه، ولا سيما إذا ظنّت إفادته، وراجعي الفتويين: 378637 ، 117355.
وتهديدك لزوجك بمفارقته إذا لم يترك شرب الخمر؛ جائز، وأمّا تعليق تحريمه على شربه الخمر، فلا ينبغي، وإذا تلفظت به ثم شرب الخمر؛ فلا يقع به ظهار أو تحريم، لكن تلزمك كفارة يمين، على القول الراجح عندنا، وراجعي الفتوى: 157899.
ونصيحتنا لك أن تجتهدي في استصلاح زوجك، وإعانته على التوبة إلى الله تعالى، فإن تاب توبة صادقة، فعاشريه بالمعروف، وتعاوني معه على طاعة الله، أمّا إذا لم يتب من شرب الخمر، فالأولى حينئذ مفارقته بطلاق أو خلع.
قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: إذا ترك الزوج حق الله، فالمرأة في ذلك كالزوج، فتتخلص منه بالخلع ونحوه. وقال: ونقل المروذي فيمن يسكر زوج أخته، يحولّها إليه. وعنه أيضا أيفرق بينهما؟ قال: الله المستعان. انتهى.
والله أعلم.