الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالشخص العادي ينوي بوضوئه أو غسله رفع الحدث، ويجزئه ذلك، ولو نوى ما تجب له الطهارة كالصلاة أو الطواف، أو مس المصحف ارتفع حدثه كذلك. ولو نوى ما تسن له الطهارة، ففي ارتفاع حدثه خلاف مشهور.
وأما صاحب سلس البول أو المذي ونحوه، فلا ينوي رفع الحدث؛ لأنه دائم فلا يرتفع، وإنما ينوي استباحة الصلاة ونحوها من العبادات.
قال البهوتي في كشاف القناع: (وَهِيَ) أَيْ النِّيَّةُ (قَصْدُ رَفْعِ الْحَدَثِ، أَوْ) قَصْدُ (الطَّهَارَةِ لِمَا لَا يُبَاحُ إلَّا بِهَا) بِأَنْ يَقْصِدَ الْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ، أَوْ الطَّوَافِ أَوْ مَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ (حَتَّى وَلَوْ نَوَى مَعَ) رَفْعِ (الْحَدَثِ) إزَالَةَ (النَّجَاسَةِ أَوْ التَّبَرُّدَ أَوْ التَّنْظِيفَ أَوْ التَّعْلِيمَ) فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي النِّيَّةِ، كَمَنْ نَوَى مَعَ الصَّوْمِ هَضْمَ الطَّعَامِ، أَوْ مَعَ الْحَجِّ رُؤْيَةَ الْبِلَادِ النَّائِيَةِ وَنَحْوَهُ، لَكِنَّهُ يُنْقِصُ الثَّوَابَ عَلَى مُقْتَضَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ النِّيَّةِ (لَكِنْ يَنْوِي مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ) كَالْمُسْتَحَاضَةِ، وَمَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ نَحْوُهُ (الِاسْتِبَاحَةَ) دُونَ رَفْعِ الْحَدَثِ؛ لِمُنَافَاةِ وُجُودِ نِيَّةِ رَفْعِهِ، وَسَوَاءٌ انْتَقَضَتْ طَهَارَتُهُ بِخُرُوجِ الْوَقْتِ، أَوْ طُرُوءِ حَدَثٍ آخَرَ (وَيُرْتَفَعُ حَدَثُهُ) عَلَى الصَّحِيحِ. قَدَّمَهُ ابْنُ حَمْدَانَ.
قَالَ الْمَجْدُ: هَذِهِ الطَّهَارَةُ تَرْفَعُ الْحَدَثَ الَّذِي أَوْجَبَهَا. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: طَهَارَةُ الْمُسْتَحَاضَةِ لَا تَرْفَعُ الْحَدَثَ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَالنَّفْسُ تَمِيلُ إلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ.
(وَلَا يَحْتَاجُ) مَنْ حَدَثُهُ دَائِمٌ (إلَى تَعْيِينِ نِيَّةِ الْفَرْضِ) ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ تَرْفَعُ الْحَدَثَ، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ. انتهى.
والله أعلم.