الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البرنامج نافعا، والاشتراك فيه بالمجان، والمسابقات التي تتم مسابقات علمية وثقافية نافعة، وألعاب مباحة، فلا حرج في الاشتراك فيها، والانتفاع بالنقاط التي يكسبها المرء منه، واستبدالها بالنقود أو غيرها؛ لأن بعض أهل العلم قد ألحق المسابقات العلمية والشرعية، وما هو نافع مباح، بما رخص فيه الشارع مما تجوز المسابقة فيه كالخيل والإبل والسهام، على نحو ما جاء في الحديث: لا سبق إلا في نصل، أو خف، أو حافر. رواه الترمذي والنسائي وأبو داود.
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في كتابه: "الفروسية": المسألة الحادية عشرة: المسابقة على حفظ القرآن والحديث والفقه وغيره من العلوم النافعة، والإصابة في المسائل، هل تجوز بعوض؟
منعه أصحاب مالك وأحمد والشافعي، وجوزه أصحاب أبي حنيفة وشيخنا، وحكاه ابن عبد البر عن الشافعي. وهو أولى من الشباك والصراع والسباحة، فمن جوز المسابقة عليها بعوض، فالمسابقة على العلم أولى بالجواز، وهي صورة مراهنة الصِدِّيق لكفار قريش على صحة ما أخبرهم به وثبوته، وقد تقدم أنه لم يقم دليل شرعي على نسخه، وأن الصديق أخذ رهنهم بعد تحريم القمار، وأن الدين قيامه بالحجة والجهاد، فإذا جازت المراهنة على آلات الجهاد، فهي في العلم أولى بالجواز، وهذا القول هو الراجح. انتهى.
وقال في موضع آخر من كتابه: وإذا كان الشارع قد أباح الرهان في الرمي والمسابقة بالخيل والإبل، لما في ذلك من التحريض على تعلم الفروسية وإعداد القوة للجهاد، فجواز ذلك في المسابقة والمبادرة إلى العلم، والحجة التي بها تفتح القلوب، ويعز الإسلام وتظهر أعلامه، أولى وأحرى. وإلى هذا ذهب أصحاب أبي حنيفة وشيخ الإسلام ابن تيمية. اهـ.
وأما التحدي في الأكل، فلم نجد لأهل العلم كلاما فيه، ولا نرى أن فيه مصلحة تقصد، ولا فائدة ترجى، ولذلك لا يبعد أن يكون مما لا يقول أحد بإلحاقه بالمشروع من المسابقات التي يجوز أخذ العوض فيها.
والله أعلم.