الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبيع العملات بعضها ببعض هو الصرف، والصرف يشترط لجوازه التقابض الحقيقي، أو الحكمي من غير تأخير، لما جاء في الصحيحين أن البراء ابن عازب وزيد بن أرقم سألا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصرف فقال: إن كان يدا بيد، فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح. وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: «مَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَمَا كَانَ نَسِيئَةً فَهُوَ رِبًا». والنساء والنسيئة واحد، وهو التأخير.
وقد ذكر بعض أهل العلم أنه يغتفر من التأخير ما ألجأت إليه الضرورة الملحة التي لا يمكن أن تتفادى بحال من الأحوال.
ومن القبض الحكمي القيد المصرفي في حال أودع أحد الطرفين المال في حساب الطرف الآخر مباشرة أو بحوالة مصرفية.
جاء في قرار مجمع الفقه: من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعًا وعرفًا: القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية:
(أ) إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية.
(ب) إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف في حالة شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.
(ج) إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغًا من حساب له إلى الحساب آخر بعملة أخرى، في المصرف نفسه أو غيره، لصالح العميل أو لمستفيد آخر، وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإِسلامية.
ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي، للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل. على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة، إلاَّ بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي. اهـ.
وعليه؛ فينظر فيما يتم بين طرفي العقد، وهل البائع يقوم بتحويل المبلغ إلى حساب المشتري لحظة العقد، فتجوز المعاملة، أو لا يتحقق التقابض الحكمي في ذلك فتمنع.
وأما قبض الوسيط للعوض نيابة عن البائع فيعتبر قبضا حكميا.
والله أعلم.