الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد جاء في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رَضِيَ اللهُ عنهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ، لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ، كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ. رواه أبو داود، وابن حبان، وابن خزيمة.
وقد حمل بعض العلماء القيام المذكور في الحديث على أنه في الصلاة، أي: قام بها مصليًّا، وقيل: ولو في غير الصلاة، قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: أورد محي السنة الحديث في باب صلاة الليل، قاله الطيبي.
وحاصله: أن الحديث مطلق غير مقيد لا بصلاة، ولا بليل، فينبغي أن يحمل على أدنى مراتبه، ويدل عليه قوله: "لم يكتب من الغافلين"، وإنما ذكره البغوي في محل الأكمل.
وقال ابن حجر: أي: يقرأها في ركعتين أو أكثر، وظاهر السياق: أن المراد غير الفاتحة. انتهى.
قلت: تفسير قام يصلي، أي: بالقراءة في الصلاة بالليل في هذا المقام هو الظاهر، بل هو المتعين؛ لما روى ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: من صلى في ليلة بمائة آية، لم يكتب من الغافلين، ومن صلى في ليلة بمائتي آية، فإنه يكتب من القانتين المخلصين. اهــ.
ولم تقيد القراءة فيه بأن تكون عن ظهر قلب، أو من المصحف، وحملها على القراءة عن ظهر قلب أولى؛ لأن الأصل في المصلي أنه لا يقرأ من المصحف.
وسواء قرأ عن ظهر قلب أم من المصحف، فإنه يرجى له أن ينال هذا الثواب.
ولم نقف على كلام للفقهاء فيما لو قرآ سورة وكررها هل يدخل في هذا الفضل أم لا.
والله أعلم.