الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك ردّ ما سرقت إلى أصحابه، أو استحلالهم منه.
وإذا كنت لا تقدرين على الوصول إلى أصحاب المحلات؛ فعليك الرد إلى تلك المحلات بوسيلة توصل إليهم حقهم، ولا توقعك في ضرر، كما بينا ذلك في الفتوى: 272065.
والذي يظهر لنا -والله أعلم- أنّ ترد المسروق إلى الفرع الذي سرقته منه؛ لاحتمال تعلق ذلك بحقّ بعض العاملين في الفرع.
وأمّا رد المسروق لصاحبه الذي تعرفينه على أنّه هدية منك؛ ففي جوازه خلاف بين أهل العلم، قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: قال المصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لو وَهَبَ المَغصُوبَ لمالِكِه، أو أهْداه إليه، بَرِئ. على الصَّحيحِ؛ لأنَّه سلَّمه إليه تَسْلِيمًا تامًّا. وكذا إنْ باعَه أَيضًا، وسلَّمه إليه، أو أقْرَضَه إيَّاه. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. قال في «الفُروعِ»: وجزَم به جماعَةٌ. وصحَّحه في «الكافِي»، وغيره. وقال في «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والسِّتِّين»: والمَشْهورُ في الهِبَةِ، أنَّه لا يَبْرَأ، نصَّ عليه أَحْمد، معَلِّلًا بأنه تحَمّل مِنَّته، ورُبما كافأه على ذلك، واختارَ القاضي في «خِلافِه»، وصاحِبُ «المُغْنِي»، أنَّه يَبْرأ. انتهى.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: ...فعليه أن يرد الحقوق إلى أصحابها، فمن عرفه منهم، ردّ إليه حقه، ولو بطريق غير مباشر، حسب الطريقة التي يمكنه بها، دون أن يشعر صاحبها أنها هبة، أو نحوها؛ خشية أن يكافئه عليها. انتهى.
فالأحوط ألا تردّيه على سبيل الهدية، ولكن تردّيه بالوسائل المبينة في الفتوى: 272065.
ومن كان عليه حقّ مالي لشخص معين؛ فالواجب عليه رد الحقّ لصاحبه، أو استحلاله منه، ولا يكفي أن يطلب منه العفو والمسامحة العامة دون بيان الحق، ولكن لا بدّ من التفصيل، كما بينا ذلك في الفتوى: 391468.
والله أعلم.