الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يعافيك في دِينك ودنياك، وأن يوفقك لأرشد أمرك.
ثم لا بد للأخت الكريمة أن تفرّق بين الإسلام الذي هو دِين الله الحق، الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، وبين فهم الناس وتطبيقهم لهذا الدِّين، حتى ولو كانوا من المشايخ الذين يُنسبون للعلم والفقه في الدِّين، فهذا يصيب ويخطئ، ويستقيم ويعوج، بخلاف الدِّين ذاته، فهو حق كله، وعدل كله.
وليس في فهم ولا سلوك أحد حجة على الإسلام إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الذي يؤخذ منه الدِّين، وتقوم به الحجة، وتتحقق به السيرة العملية التي تمثل الإسلام بكماله، وقد سبق لنا بيان طرف من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاملة زوجاته -رضي الله عنهن-، وذلك في الفتويين: 27182، 55015.
وكذلك أمر قوامة الزوج، وحقوقه على زوجته، كما جاءت بها الشريعة، تختلف كثيرًا عن فهم كثير من الناس لهذه القضية، وراجعي في ذلك الفتاوى: 265297، 138007، 278251. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى؛ فإن الحرية في الإسلام ليست مطلقة، سواء للرجل أم للمرأة؛ فإن الحرية بإطلاق لا تعني إلا الفساد بإطلاق!
ولهذا فلا بدّ للجميع - رجالا ونساء - من تقييد الحرية بقيد الشرع الحنيف، الذي لا يحابي أحدًا، ولا يحكمه هوى، أو مصلحة خاصة، أو نظرة ضيقة، وإنما جاء ليعطي كل ذي حق حقه، وانظري الفتوى: 179315.
وعلى أية حال؛ فلا نرى أن نفصل في جزئيات السؤال، وما فيه من مغالطات فجة، وإنما نحتاج هنا إلى تنبيه الأخت السائلة على أن كل شكوى عادلة، وكل عيب حقيقي في زوجها أو فيها هي، إنما هو خلل في الشخص، لا في دِين الله تعالى.
ونحن لا نستطيع أن نوفّي هذه القضية حقها في هذه السطور، ولا سيما بعد مراجعة الأسئلة الأخرى للأخت السائلة؛ ولذلك فإننا ننصحها بألا تجعل تجربتها في الزواج هي الحكم على القضية برمتها، وأن تعلم أن عندها أخطاء كما أن عند زوجها أخطاء.
والأهم من هذا كله أن تتوب إلى الله تعالى من سوء الظن بالدِّين نفسه، وتحميله أخطاء زوجها، كما نرجو منها للأهمية أن تقرأ كتاب: (المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية) للدكتور محمد إسماعيل المقدم. وكتاب: (المرأة بين الفقه والقانون) للدكتور مصطفى السباعي، وكلاهما متوفر على الإنترنت.
والله أعلم.