الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالتبرع بالأعضاء البشرية محل خلاف بين أهل العلم، والمفتى به عندنا هو الجواز، وهو ما قرره المجمع الفقهي، ونصّ قراره: يجوز نقل عضو من ميت إلى حي تتوقف حياته على ذلك العضو، أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك؛ بشرط أن يأذن الميت، أو ورثته بعد موته، أو بشرط موافقة وليّ المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية، أو لا ورثة له. اهـ.
وراجع في ذلك الفتاوى: 4388، 11667، 111709.
واعتبار الميت دماغيًّا ميِّتًا موتًا حقيقيًّا، تترتب عليه أحكام الوفاة الشرعية، هو الآخر فيه خلاف بين أهل العلم، فمنهم من ذهب إلى اعتبار ذلك؛ بشرط تعطل جميع وظائف الدماغ تعطلًا نهائيًّا، وأن يحكم الأطباء المختصون بأن هذا العطل لا رجعة فيه، ويأخذ دماغه في التحلل، ومنهم من ذهب إلى عدم اعتبار ذلك وفاة شرعية؛ لبقاء نبض قلبه، وجريان نفسه، وهذا هو القول الراجح عندنا؛ لما سبق بيانه في الفتوى: 19923.
وعلى ذلك؛ فلا نفتي بجواز فعل ذلك بمجرد حصول موت الدماغ؛ حتى يتوقف النفس، ونبض القلب، وتظهر علامات الوفاة المعروفة.
وإذا حصل ذلك؛ فهو عمل من أعمال البر والإحسان التي يثاب عليها صاحبها، ولكنه لا ينطبق عليه حد الصدقة الجارية، فهي محمولة عند أكثر العلماء على معنى الوقف خاصة، وراجع في ذلك الفتوى: 199121 وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.