الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعلى الصديق المشار إليه أن يدفع ذلك المال إلى ورثة المتوفى؛ ليقسموه بينهم القسمة الشرعية، ولا يُحرمون من الميراث بسبب عقوقهم، ولا شك أن العقوق كبيرة من الكبائر، إلا أنهم يرثونه بسبب النسب، لا بسبب البر، وعقوقهم لوالدهم في ميزان سيئاتهم، إن شاء اللهُ تعالى عاقبهم به، وإن شاء عفا عنهم.
وأما دعواه بأن الميت أوصاه بأن يأخذ لنفسه نصف المال، فهذه لا تقبل منه؛ لأنها شهادة يجر بها نفعا لنفسه، ومن شهد شهادة يجر بها نفعا لنفسه لم تقبل شهادته للتهمة؛ كما نص عليه الفقهاء.
قال زكريا الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب في شروط قبول الشهادة: الشَّرْطُ السَّادِسُ عَدَمُ التُّهْمَةِ، فَمَنْ جَرَّ بِشَهَادَتِهِ لِنَفْسِهِ نَفْعًا أَوْ دَفَعَ بِهَا عَنْهُ ضَرَرًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَلَا تُقْبَلُ. اهــ.
وقال منصور البهوتي الحنبلي في كشاف القناع عند ذكره لموانع الشهادة: الثَّالِثُ مِنْ مَوَانِعِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَجُرَّ الشَّاهِدُ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا بِشَهَادَةٍ. اهــ.
ودعواه أيضا بأن الميت أوصاه بأن يدفع نصف المال الآخر صدقة لدار المسنين، فهذه أيضا لا تثبت بها الوصية؛ لأن الوصية بالمال لا تثبت بشهادة رجل واحد، بل لا بد فيها من رجلين، أو رجل وامرأتين؛ كسائر الأمور المالية، وانظر الفتوى: 315721. فيما تثبت به الوصية.
والله أعلم.