الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا داعي لمثل هذا التشقيق؛ فقضية الإيمان من قضايا الفطرة أساسا، ثم هو الأقرب والأوفق للعقل أيضا، فما بالنا إذا اجتمع مع ذلك دعوات الرسل، ونزول الكتب من عند الله تعالى؟!
وبالتالي، فإطلاق تعبير الإيمان الوراثي أو التقليدي: إطلاق خاطئ! فإن الإيمان هو الأصل، والكفر طارئ عليه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم في خطبته: ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا. رواه مسلم.
وعلى أية حال، فإلزام عموم الناس بالنظر إنما هو لوثة من لوثات المتكلمين الذين يجعلون أول ما يجب على المكلف هو: الشك السابق على النظر، أو القصد إلى النظر المفضي إلى العلم! والصحيح أن أول واجب عليه هو شهادة التوحيد المتضمنة للإيمان بالله، وإفراده بالعبادة.
وراجع في ذلك الفتويين: 110974، 209149.
وأما إيجاب النظر في التوارة والإنجيل، أو غيرها من الكتب عند غير المسلمين، فهذا لم يقل به أحد، بل إن ذلك لا يشرع أصلا، إلا للعالم الذي يميز بين الحق والباطل، وراجع في ذلك الفتاوى: 14742، 20030، 27803.
وقد سبق أن أجبنا على سؤال: هل يلزم المسلم تتبع ملل الضلال ودراستها ليزداد يقينا في صحة الإسلام؟ وذلك في الفتوى: 241441.
والله أعلم.