الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالكفر والكفار موجودون منذ خلق الله إبليس -لعنه الله-، وقد توعد إبليس بني آدم بأن يغوي من استطاع منهم، وأن يقعد لهم صراط الله المستقيم، وأن يأتيهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم.
ولو تدبرت القرآن لرأيت فيه قصص المكذبين والجاحدين مع النبيين والمرسلين -عليهم صلوات رب العالمين-، فليس ما يحصل في زماننا بدعًا من الأمر، ولله عز وجل في إيجاد هؤلاء الكفار من الحكمة التي خلقهم لأجلها أمر عظيم، قد أوضحنا طرفًا منه في الفتوى: 183095، وذكرنا الحكمة من خلق إبليس في الفتوى: 183595.
فلو تدبرت هذه الحكم زال عنك ما تجده من الضيق، ويحمد لك حرصك على انتشار الدِّين، وشفقتك على أهل الأرض، ورغبتك في أن يكونوا جميعًا موحدين.
وعليك أن تبذل وسعك في الدعوة إلى الله تعالى، ومحاربة الأفكار المنحرفة، ثم لا يضرك بعد ذلك من حاد عن الطريق، فقد نهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن إهلاك نفسه حزنًا على هؤلاء الكفار، فقال له: فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ{فاطر:8}، وقال: لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ {الشعراء:3}، إلى غير ذلك من الآيات.
وراجع للفائدة، الفتويين: 12883، 266185.
والله أعلم.