الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرت حصولك على مال بسبب مشاهدات كثيرة على المقاطع التي في حسابك، وهذه المقاطع بعضها محرم، وقد رفعها من استولى على حسابك. وإذا كان كذلك، فعليك التخلص من نسبة الحرام في ذلك المال بدفعها للفقراء والمساكين، وليس لك الانتفاع بها، إلا أن تكون فقيرا محتاجا.
قال النووي في المجموع: وَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ إذَا كَانَ فَقِيرًا؛ لِأَنَّ عِيَالَهُ إذَا كَانُوا فُقَرَاءَ، فَالْوَصْفُ مَوْجُودٌ فِيهِمْ، بَلْ هُمْ أَوْلَى مَنْ يُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ. وَلَهُ هُوَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ حَاجَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا فَقِيرٌ. انتهى كلامه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى:إن كانت العين أو المنفعة محرمة؛ كمهر البغي وثمن الخمر، فهنا لا يقضي له به قبل القبض. ولو أعطاه إياه لم يحكم برده؛ فإن هذا معونة لهم على المعاصي، إذا جمع لهم بين العوض والمعوض. ولا يحل هذا المال للبغي والخمار ونحوهما، لكن يصرف في مصالح المسلمين، فإن تابت هذه البغي وهذا الخمار وكانوا فقراء، جاز أن يصرف إليهم من هذا المال مقدار حاجتهم . انتهى.
ولو جهلت مقدار نسبة المال الحرام، فاجتهد في تقديرها.
قال ابن العربي في تفسيره: فإن التبس عليه الأمر ولم يدر كم الحرام من الحلال مما بيده؟ فإنه يتحرى قدر ما بيده مما يجب عليه رده، حتى لا يشك أن ما يبقى قد خلص له. اهـ.
والله أعلم.