الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذهب جمهور العلماء إلى أن إجارة الدور المحددة بزمن معين لا تنتهي بموت المستأجر، وإنما تظل باقية يرثها ورثته من بعده، وذلك لأن المنفعة مال، قال صاحب المنثور الشافعي: "وإذا مات العاقد في مجلس الخيار ينتقل الحق لورثته، وكموت المستأجر في أثناء المدة لا تنفسخ الإجارة، وله أن يستأجر ويقوم مقام وارثه استصحاباً لدوام تلك المنفعة". ا.هـ
وقال الخرشي المالكي: "إذا كان وجيبة ولم ينقد فلا يفسخ الكراء بموت المستأجر، بل يبقى على ورثته".هـ
وذهب الأحناف إلى أن الإجارة تنتهي بمجرد موت المستأجر، وعللوا ذلك بأن موت المستأجر يؤدي إلى استحقاق الأجرة من ماله، فلو أبقينا الإجارة بعد موته استحقت الأجرة من ملك الغير، قال صاحب فتح القدير الحنفي: "وإذا مات أحد المتعاقدين وقد عقد الإجارة لنفسه انفسخت، لأنه لو بقي العقد تصير المنفعة المملوكة به أو الأجرة المملوكة لغير العاقد مستحقة بالعقد، لأنه ينتقل بالموت إلى الوارث، وذلك لا يجوز".اهـ
وعلى رأي الجمهور وهو الذي نراه صواباً، فإن منفعة هذا المحل المؤجر يرثها أبناؤه حسب درجتهم من التركة.
وعليه؛ فلا يجوز لأحد منهم أن يحرم الآخر من نصيبه من تلك المنفعة، ولهم أن يتراضوا على ترك المحل لأحدهم بعوض أو بدون عوض.
والله أعلم.