الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى الشرع عن التحاسد، والتدابر بين المسلمين؛ ففي صحيح مسلم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث.
لكن إذا كان على الشخص ضرر في صحبة إنسان، فيجوز له هجره من غير إساءة.
قال ابن عبد البر –رحمه الله- في التمهيد: وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَخَافُ مِنْ مُكَالَمَتِهِ وَصِلَتِهِ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ، أَوْ يُوَلِّدُ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَضَرَّةً فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ، فَقَدْ رُخِّصَ لَهُ فِي مُجَانَبَتِهِ وَبُعْدِهِ، وَرُبَّ صَرْمٍ جَمِيلٍ خَيْرٌ مِنْ مُخَالَطَةٍ مُؤْذِيَةٍ. انتهى.
وعليه؛ فإذا لم يكن عليك ضرر في دينك أو دنياك في صلة هذه المرأة؛ فلا يجوز لك هجرها بالكلية، مع العلم بأنّ الهجر يزول عند الجمهور بمجرد السلام على الشخص، أو ردّ السلام عليه.
قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: قال أكثر العلماء تزول الهجرة بمجرد السلام وردّه. انتهى.
فإذا اقتصرت على السلام على المرأة عند لقائها؛ فلا إثم عليك في ذلك
ونصيحتنا لك؛ أن تستعيني بالله تعالى، وتجاهدي نفسك على سلامة صدرك، وتطهير قلبك من الحسد، ولمعرفة بعض الأمور المعينة على ذلك. راجعي الفتوى: 254221.
والله أعلم.