الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر لنا أنّ الاتفاق المذكور عقد مضاربة، تكون الخسارة فيه على ربّ المال وحده، ولا يضمن العامل شيئاً من الخسارة إذا لم يكن منه تعدٍ أو تفريط.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: والوضيعة في المضاربة على المال خاصة، ليس على العامل منها شيء; لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال، وهو مختص بملك ربه، لا شيء للعامل فيه، فيكون نقصه من ماله دون غيره. انتهى.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم 122: المضارب أمين، ولا يضمن ما يقع من خسارة، أو تلف إلا بالتعدي، أو التقصير، بما يشمل مخالفة الشروط الشرعية، أو قيود الاستثمار المحددة التي تم الدخول على أساسها، ويستوي في هذا الحكم المضاربة الفردية، والمشتركة. اهـ.
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وحكم كل عقد فاسد في وجوب الضمان، حكم صحيحه، فما وجب الضمان في صحيحه وجب في فاسده، وما لم يجب في صحيحه لم يجب في فاسده. انتهى.
لكن إذا كان العامل قد أوهم صاحب المال أنّ له خبرة في الزراعة والواقع أنّه لا خبرة له بها؛ ففي هذه الحال يضمن العامل الخسارة.
يقول الدكتور علي محي الدين القره داغي: ومن هنا إذا ادعى المضارب أن له خبرة في مجال التجارة؛ فدفع له رب المال مال المضاربة، أو ادعى الشريك ذلك، فترك له الآخر حق الإِدارة والتجارة، ثم تبين أنه على خلاف ذلك فإنه يضمن، لأن ذلك داخل في الغش. انتهى.
وما أخذه العامل من الأجر في كل شهر؛ إن كان أجرة مثله في هذا العمل؛ فهو له، وإلا فليس له إلا أجرة مثله.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عند الكلام على آثار المضاربة الفاسدة:
ب- أن المضارب له أجر مثله -خسر المال أو ربح- لأن عمله إنما كان في مقابلة المسمى، فإذا لم تصح التسمية وجب رد عمله عليه، وذلك متعذر، فوجب له أجرة المثل. انتهى.
والله أعلم.