الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد حثّ الشرع على توقير الكبير وإجلاله، ففي سنن أبي داود عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من إجلال الله: إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط.
جاء في عون المعبود: (إكرام ذي الشيبة المسلم) أي: تعظيم الشيخ الكبير في الإسلام، بتوقيره في المجالس، والرفق به، والشفقة عليه، ونحو ذلك. كل هذا من كمال تعظيم الله؛ لحرمته عند الله. انتهى.
وفي سنن الترمذي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: جاء شيخ يريد النبي صلى الله عليه وسلم، فأبطأ القوم عنه أن يوسّعوا له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويوقّر كبيرنا.
وإذا لم يكن الكبير ذا أدب ومروءة؛ لم يكن مستحقًّا للتوقير كالكبير الصالح حسن الخلق، لكن مع ذلك ينبغي مراعاة كبر سنّه، والتعامل معه بحكمة، ورفق.
وكذلك إذا كان الكبير مجاهرًا بالفسق والفجور، أو ظالمًا متجبرًا في الأرض؛ فلا يستحقّ التوقير، جاء في حسن التنبه لما ورد في التشبه: وليس المراد بالكبير من كان من المترفين، أو من الظلمة المتمردين، بل من كان من العلماء العاملين، أو الحكام العادلين، أو العباد الصالحين، أو ذوي الأسنان من المسلمين. انتهى. وراجع الفتويين: 250207، 366889.
والله أعلم.