الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما أصل المال المودع في المصرف، فإنه ملكٌ للورثة، يقسمونه بينهم القسمة الشرعية في الميراث.
وأما ما يسمى بالفوائد: فإن كانت ربوية، فهي مال مكتسب بطريق محرم، وقد اختلف الفقهاء هل تحل للورثة أم لا؟ قولان لأهل العلم، جاء في منح الجليل شرح مختصر خليل: وَاخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ حَرَامٍ -كَرِبًا، وَمُعَامَلَةٍ فَاسِدَةٍ- إذَا مَاتَ مُكْتَسِبُهُ عَنْهُ، فَهَلْ يَحِلُّ لِلْوَارِثِ -وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ- أَمْ لَا. اهــ.
وسئل الشيخ ابن جبرين -رحمه الله-: مات ميت عن مال جمعه من الحرام، فهل للورثة أن يأخذوا هذا المال أم لا؟ وجزاكم الله خيرًا.
فأجاب بقوله: يجوز أن يأخذوه، وإثمه على المكتسب، ويفضل أن يتصدقوا به؛ حتى يسلم أبوهم من الوزر، وإثم الكسب الحرام. اهــ.
والقول الآخر، وهو المرجح عندنا أنه لا يحلّ للورثة، وأن الواجب التخلص منه بإنفاقه في مصالح المسلمين، أو على الفقراء والمساكين، وانظري الفتوى: 378871.
وأما ما يتعلق بالزكاة: فإن علمتم، أو غلب على ظنكم أن والدكم لم يكن يخرج الزكاة عن ذلك المبلغ المودع، فأخرجوا أنتم زكاته قبل قسمته بينكم عن كل السنين الماضية؛ لأن الزكاة حقٌّ مقدم على حق الورثة في المال، ولمعرفة كيفية إخراج الزكاة عن السنين الماضية، انظري الفتوى: 121528.
وإن لم يتيسر لكم معرفة ذلك بيقين، فاعملوا بغلبة ظنكم، وأخرجوا ما يحصل لكم به غلبة الظن ببراءة ذمّتكم، وذمّة أبيكم؛ والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
وإذا لم تعلموا هل كان والدكم يخرج الزكاة أم لا، ولم يغلب على ظنكم شيء، فالأصل في المسلم أنه يؤدي ما فرضه الله عليه، ويخرج زكاة ماله، فلا تطالبون بإخراج الزكاة، وانظري الفتوى: 399292 عن واجب من يشك أن والده المتوفى لم يكن يخرج الزكاة.
والله أعلم.