الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسؤال الله تعالى هداية شخص معين، ليس محظورًا، ولا هو من الاعتداء في الدعاء، وليس هو مستحيلًا في قدرة الله تعالى؛ فالله تعالى يهدي من يشاء، قال تعالى: مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ {الأنعام:39}، وقال: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ {الأنعام:125}، وقال: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ {القصص:56}، وقال: قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ {آل عمران:73}، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
فلا حرج عليك في الاستمرار في الدعاء لهذا الشخص بالهداية.
ودعاؤك له قد يكون سببًا في هدايته -إن شاء الله-، ولك أجر الدعاء للمسلم بظهر الغيب، حيث يدعو لك الملك بمثل ما دعوت له به، ولكن لا تجزعي إذا لم يهدِه الله تعالى، فإنما علينا بذل الأسباب، والله تعالى يهدي من يشاء بفضله، ويضلّ من يشاء بعدله؛ ومن ثم قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ {فاطر:8}.
واستغفارك له فعل حسن، يرجى له به المغفرة، وقد أمر الله نبيه بالاستغفار للمؤمنين، فقال: وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ {محمد:19}.
ولزومك: لا حول ولا قوة إلا بالله، من أفضل الأعمال؛ فإنها كنز من كنوز الجنة، كما ثبت في الصحيح من حديث أبي موسى -رضي الله عنه-، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في وصية له: وَليكن هجيراه: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه؛ فَإِنَّهَا بهَا تحمل الأثقال، وتكابد الْأَهْوَال، وينال رفيع الْأَحْوَال. وَلَا يسأم من الدُّعَاء والطلب؛ فَإِن العَبْد يُسْتَجَاب لَهُ مَا لم يعجل، فَيَقُول: قد دَعَوْت، ودعوت، فَلم يستجب لي. وليعلم أَن النَّصْر مَعَ الصَّبْر، وَأَن الْفرج مَعَ الكرب، وَإِن مَعَ الْعسر يسرًا. انتهى.
والله أعلم.