الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا مجرد وهم، فلا تلتفتي إليه، ولا تعيريه اهتماما، ولا تبدلي ثيابك، أو تغسليها لمجرد الشك في تنجسها، فإن الأصل الطهارة.
وإن تيقنت يقينا جازما تستطيعين أن تحلفي عليه أنه قد خرج منك شيء، فالواجب عليك هو غسل الموضع المتنجس بصب الماء عليه، ولا يجب عليك تبديل ثيابك ولا خلعها، وإن خلعت ثيابك وصليت بالإسدال، فصلاتك صحيحة، ما دام ساترا للعورة، فإن الصلاة في الثوب الواحد جائزة إذا كان الثوب ساترا للعورة.
وقد سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة في الثوب الواحد فقال: أولكلكم ثوبان؟ متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأما إن كان هذا الثوب لا يستر جميع العورة، فلا تجزئ الصلاة فيه.
قال الرحيباني في مطالب أولي النهى: (وَسُنَّ صَلَاةُ حُرَّةٍ) بَالِغَةٍ (فِي دِرْعٍ، وَهُوَ: الْقَمِيصُ، وَخِمَارٍ، وَهُوَ: غِطَاءُ رَأْسِهَا) الَّذِي يُدَارُ تَحْتَ حَلْقِهَا (وَمِلْحَفَةٍ) - بِكَسْرِ الْمِيمِ - (وَهِيَ: الْجِلْبَابُ) ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عَائِشَةَ " أَنَّهَا كَانَتْ تَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ فِي الْخِمَارِ وَالْإِزَارِ وَالدِّرْعِ، فَتُسْبِلُ الْإِزَارَ فَتُجَلْبَبُ، وَكَانَتْ تَقُولُ: ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ لَا بُدَّ لِلْمَرْأَةِ مِنْهَا فِي الصَّلَاةِ إذَا وَجَدَتْهَا: الْخِمَارُ وَالْإِزَارُ وَالدِّرْعُ " وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَوْفَى عَوْرَةً مِن الرَّجُلِ (وَلَا تَضُمُّ ثِيَابَهَا) ، قَالَ السَّامِرِيُّ: (حَالَ قِيَامِهَا) (وَتُكْرَهُ) صَلَاتُهَا (فِي نِقَابٍ وَبُرْقُعٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِمُبَاشَرَةِ الْمُصَلّى بِالْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَيُغَطِّي الْفَمَ، وَقَدْ " نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلَ عَنْهُ " (وَيُجْزِئُ) امْرَأَةً (سَتْرُ عَوْرَتِهَا) ، قَالَ أَحْمَدُ: اتَّفَقَ عَامَّتُهُمْ عَلَى الدِّرْعِ وَالْخِمَارِ، وَمَا زَادَ فَهُوَ خَيْرٌ وَأَسْتَرُ. انتهى
ثم إن كان خروج البول منك مستمرا، بحيث لا ينقطع زمنا يتسع لفعل الطهارة والصلاة، فأنت صاحبة سلس، وإلا فلا، وانظري الفتوى: 136434، والفتوى: 119395.
وأما ما مضى من صلوات، فإن كنت أخللت جاهلة بشيء من شروط الصلاة كالطهارة بأن لم تكوني صاحبة سلس، وتركت الوضوء لها، أو بستر العورة الواجب في الصلاة؛ ففي هذه المسألة خلاف، فيرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن من ترك شرطا من شروط الصلاة جاهلا لم تلزمه الإعادة، وانظري التفصيل في الفتوى: 125226.
وننبه إلى أن المالكية لا يوجبون التطهر من هذه القطرات، فمذهبهم فيها سهل، ولا حرج عليك في العمل بمذهبهم باعتبار ما مضى، وانظري الفتوى: 75637.
والله أعلم.