الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم يتضح لنا ما تقصده بالقدر المجزئ من الفوائت, فإن كنت تقصد أنك تقتصر على الأركان فقط, وتترك السنن, والأذكار المسنونة، ونحو ذلك, فلم نقف على من يقول هذا من أهل العلم؛ فالأصل أن الصلاة الفائتة تقضى على كيفية الصلاة الحاضرة؛ لأن "القضاء يحكي الأداء"، كما هو مذكور في كتب قواعد الفقه.
ولأن الاقتصار على الأركان فقط، إنما يسوغ عند ضيق وقت الفريضة؛ محافظةً على إدراك الوقت، جاء في منح الجليل للشيخ محمد عليش المالكي: (وتُدرك) بضم المثناة الفوقية، وفتح الراء (فيه) أي: الضروري، (الصبح) أي: يدرك أداؤها ووجوبها إذا زال العذر المسقط آخر الضروري، وصلة "تدرك" (بركعة) تامّة بسجدتيها، مشتملة على قراءة فاتحة قراءة متوسطة، على طمأنينة واعتدال في رفع من ركوع وسجود. ويجب ترك السنن -كقراءة سورة، وزيادة طمأنينته-؛ محافظة على إدراك الوقت. اهـ.
ومن عليه فوائت كثيرة, فالمجزئ في حقّه أن يشتغل بالقضاء في أي ساعة من ليل أو نهار؛ بحيث لا يترتب على القضاء حصول ضرر في بدنه، أو تعطيل في معيشته، ثم يستمرّ على ذلك حتى يقضي ما عليه من الصلوات، إن علم عدده.
فإن لم يعلم عدده، قضى ما يغلب على ظنه أنه يفي بذلك؛ وبذلك تبرأ ذمته ـ إن شاء الله تعالى. وراجع المزيد في الفتوى: 230473.
وبخصوص قولك: "مع أداء الصلاة الحاضرة تامة"، فإن كنت تعني بالتمام الخشوع, فإنه ليس بشرط في صحة الصلاة، كما تقدم في ذلك الفتوى: 23481.
وعليه؛ فلا تؤخر قضاء الفوائت مع القدرة؛ لأجل تحصيل الخشوع المذكور.
مع التنبيه على أنه ينبغي للمسلم أن يجعل الصلاة قرّة عينه, ويجعل راحته فيها, ولا يجعلها عبئًا عليه, وراجع المزيد في الفتوى: 418507، وهي بعنوان: "كيف يجعل الشخص قرّة عينه في الصلاة؟"
والله أعلم.