الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنذرك ذلك الصيام إن عادت إليك تلك الفتاة، هو من النذر المعلق على حصول معصية، وهو نذر لا ينعقد، ولا يلزمك شيء من ذلك الصيام، قال ابن حجر الهيتمي -الشافعي- في الفتاوى الفقهية الكبرى: وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ قَالَ: إنَّ كَلَامَهُمْ نَاطِقٌ بِأَنَّ النَّذْرَ الْمُعَلَّقَ بِالْقُدُومِ، نَذْرُ شُكْرِهِ عَلَى نِعْمَةِ الْقُدُومِ، فَلَوْ كَانَ قُدُومُ فُلَانٍ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ لِلنَّاذِرِ، كَأَجْنَبِيَّةٍ، أَوْ أَمْرَدَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ، كَنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ.
وَرَدَّهُ شَيْخُنَا أَيْ: زَكَرِيَّا -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِأَنَّهُ سَهْوٌ منْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ الْمُلْتَزَمِ بِالْمُعَلَّقِ بِهِ، وَاَلَّذِي يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ قُرْبَةَ الْمُلْتَزَمِ لَا الْمُعَلَّقِ بِهِ، وَالْمُلْتَزَمُ هُنَا الصَّوْمُ، وَهُوَ قُرْبَةٌ، فَيَصِحُّ نَذْرُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِهِ قُرْبَةً أَمْ لَا. اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ السَّهْوُ، كَيْفَ وَكَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ!؟ فَقَدْ نَقَلُوا عَنْ الرُّويَانِيِّ، وَأَقَرُّوهُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ هَلَكَ مَالُ فُلَانٍ أَعْتَقْت عَبْدِي، لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّهُ حَرَامٌ. وَكَمَا أن طَلَبَ هَلَاك مَالِ الْغَيْرِ حَرَامٌ، كَذَلِكَ طَلَبَ قُدُومَ مَنْ مَرَّ. فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ.
وَقَدْ ضَبَطَ الصَّيْمَرِيُّ مَا يَكُونُ النَّذْرُ فِي مُقَابَلَتِهِ بِأَنَّهُ مَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ بِهِ. وَفِي كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ مَا يُصَرِّحُ بِأَنَّ كَوْنَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي النَّذْرِ أَمْرًا مُبَاحًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. اهـ.
واجتهد -أخي السائل- في تحقيق توبتك من تلك العلاقة المحرمة، والثبات على التوبة، وعدم الرجوع إلى المعصية.
والله أعلم.