الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالكذب محرم، وثبت في الصحيحين التحذير منه، وبيان سوء عاقبته، وأنه يتنافى مع الإيمان، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب، ويتحرى الكذب، حتى يكتب عند الله كذابًا.
وروى الإمام مالك في الموطأ أنه قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيكون المؤمن جبانًا؟ فقال: "نعم". فقيل له أيكون المؤمن بخيلًا؟ فقال: "نعم". فقيل له: أيكون المؤمن كذابًا؟ فقال: "لا".
ويعظم الإثم بالحلف كذبا؛ فإنه يمين غموس، وسميت غموسا لكونها تغمس صاحبها في النار، أو لكونها تغمسه في الإثم، وانظر الفتوى: 7258.
فعلم بهذا خطورة أمر الكذب، أو الحلف عليه، ووجوب اجتنابه، لكن ذكر أهل العلم أنه إذا دعت لذلك مصلحة راجحة، فلا حرج في المصير إليه. وراجع في ذلك الفتويين: 111035، 171649.
فإن كانت هنالك مصلحة معتبرة، واجتناب لمفسدة محققة لتجنب قول تلك الحقيقة، والوقوع في الكذب، والحلف عليه، ولا يتضمن ذلك إضرار بالغير، فيجوز لك الكذب، والحلف كذبا إن اقتضى الأمر ذلك.
والله أعلم.