الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فللمرأة الحق في المطالبة بنصيبها في الأرض وغيرها، ولو بعد مائة عام، ما دام أنها لم تتنازل عن نصيبها تنازلا معتبرا شرعا، وما يحصل في بعض المجتمعات من سكوت المرأة عن المطالبة بنصيبها؛ -خوفا من تأنيب المجتمع لها إن هي طالبت به- هذا لا يعتبر تنازلا شرعيا؛ كما بيناه في الفتوى: 97300، والفتوى: 101952.
وإن مما يحزن القلب أن بعض مجتمعات المسلمين لا يعطون الأنثى نصيبها من الميراث، ويستحوذ عليه إخوانها الذكور، ثم بعد طول المدة يطالب أولاد البنات بنصيب أمهاتهن من الميراث، وعندها تنشأ العداوات بينهم وبين أخوالهم الذكور الذين أكلوا نصيب البنات بالباطل، وقد بينا في فتاوى سابقة أن حرمان الأنثى من الميراث إنما هو عادة من عادات أهل الجاهلية الذين كانوا يورثون الذكور دون الإناث، حتى نزل قول الله تعالى: لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا {سورة النساء:7}.
والخلاصة أنه يحق للبنت أن تطالب بنصيبها الشرعي من الميراث في الأرض، وفي كل ما خلفه أبوها المتوفى، ولو بعد حين، ومن الخطأ أن يقال إن نصيبها يقوم بقيمة الأرض قبل سبعة وعشرين عاما، بل بالوقت الحال حسبما يقرره أهل الخبرة؛ لأن نصيبها من الأرض لا يزال ملكا لها، فإذا أرادت أن تبيع نصيبها باعته بالثمن الذي تريده، وكون الإخوة استثمروا الأرض، أو عملوا فيها، ونحو ذلك. هذا يُنظر فيه: هل كانوا غاصبين لنصيبها؟ أم أنهم عملوا واستثمروا برضاها؟
وللفصل في هذا يرجع إلى المحكمة الشرعية إن كانت، والمهم أن يُعلم أن حقها في الإرث لا يسقط بالتقادم، وأنها لا زالت تملك نصيبها في تلك الأرض، فلا يقوم لها بثمن قديم لا ترضاه، بل ولا تجبر على بيعه أصلا، إن كانت الأرض قابلة للقسمة.
والله أعلم.