الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز الإقدام على مخالفة الشروط التي تفرضها الدول على المقيمين بها، ولو كانت هذه الدول كافرة، ما دام ذلك الشرط لا يخالف الشرع.
ولا تبدو أية مخالفة للشرع في الشرط المذكور، إذ أن الدولة قد قيدت منحة حادث العمل للزوجة بعدم زواجها، وهذا مما لا مانع فيه، قال خليل بن إسحاق المالكي: واتبع شرطه إن جاز.
وقال في كشاف القناع وهو حنبلي: ولو دفع لزوجته مالاً على أن لا تتزوج بعد موته فتزوجت، ردت المال إلى ورثته نصاً.
وهذا موافق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9271
فعلى المرأة -إذن- أن توقف الاستفادة من هذه المنحة، وأن تتوب إلى الله مما أكلته من المال بغير حق، ومن تمام توبتها أن تعزم على رد جميع ما استفادته، وأن لا تتأخر في قضائه إلا بقدر ما يؤخر المعسر، لقول الله تعالى: وإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ (البقرة: من الآية280)، ولها حينئذ أن تستبقي لنفسها من المال ما تنفق به على نفسها وعيالها، فهي في حكم المفلس، وفيه يقول خليل: وترك له قوته والنفقة الواجبة عليه لظن يسرته وكسوتهم كل دستاً معتاداً.
ثم إنه لا فرق في منع هذه المنحة عن المرأة بين حالها قبل وفاة الزوج الثاني وبعده، إذ بتزوجها سقط حقها في المنحة، ولا يمكن أن يعود هذا الحق إلا بتجديده من الواهب.
والله أعلم.