الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فكون السائل يقضي دَينه على أقساط شهرية، فهذا معناه أن دَينه آجل، ولا يلزمه تعجيل قضائه عن أجل الأقساط المتفق عليه.
فإن كان الأمر كذلك، فلا حرج عليه في ذبح العقيقة، بل هو محسِن في ذلك؛ طالما كان قادرًا على القضاء، ولم يطالبه رب الدَّين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في الفتاوى الكبرى-: من عدم ما يضحى به ويعق، اقترض وضحى وعق، مع القدرة على الوفاء، والأضحية من النفقة بالمعروف، فتضحي امرأة من مال زوجها عن أهل البيت بلا إذنه، ومدين لم يطالبه رب الدين. اهـ.
وقال البهوتي في كشاف القناع: (قال الشيخ -يعني ابن تيمية-: محله لمن له وفاء) وإلا، فلا يقترض؛ لأنه إضرار بنفسه وغريمه ... (و) يضحي (مدين لم يطالبه رب الدَّين) ولعل المراد: إذا لم يضر به. اهـ.
وقال ابن الحاج في أحكام العقيقة من كتاب: (المدخل) -وهو مالكي-: قال علماؤنا -رحمة الله عليهم-: فيمن كان له ثوب للجمعة، ولا فضل عنده غيره، فإنه يبيعه حتى يضحي. فكذلك يبيعه حتى يعق عن ولده، وكذلك قالوا: إنه يتداين للأضحية، فكذلك يتداين للعقيقة سواء بسواء. اهـ.
وأما تقديم العقيقة على كفّارات الأيمان، إذا لم يمكن الجمع بينهما، فحكم هذا يختلف بحسب الترجيح في كفارة اليمين: هل تجب على الفور أم على التراخي؟ وقد سبق لنا بيان أقوال أهل العلم في ذلك في الفتوى: 277693.
وعلى القول بالفور؛ فلا تقدم العقيقة على الكفارات.
ولكن ليس معنى ذلك أن العقيقة حينئذ لا تقبل، وإنما معناه أن يجتمع في حق صاحبها ثواب العقيقة، مع إثم تأخير الكفارة عند من يرى وجوبها على الفور.
والله أعلم.