الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإذا قامت هذه المرأة بما يجب عليها من الفرائض ثم أرادت أن تتعبد بالنوافل فلا حرج عليها، بل إنها تؤجر على ذلك، ولكن بشرط ألا يترتب على تعبدها بالنوافل تضييع حق زوجها، فإن ترتب عليه تضييع حق زوجها أثمت بذلك.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، وإن لأهلك عليك حقاً، وإن لزوجتك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه. رواه البخاري.
وعلى هذا فإذا كانت تقوم مع تعبدها بالنوافل بحق زوجها فلا حرج عليها وليس له أن يمنعها من التعبد بله بما شاءت من النوافل بعد الفرائض ما دمت لم تقصر في حقه، لأن طاعة الزوج إنما هي في المعروف وليس من المعروف أنه ينهاها عن العبادة مع عدم تضرره بذلك سواء كان الحامل له على ذلك الغيرة أم غيرها.
أما إذا كانت تقصر في حق زوجها بسبب انشغالها بالنوافل فعليها أن تقتصر على القدر الذي تتمكن معه من أداء حق زوجها الذي افترض الله عليها، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرحه لقول الله تعالى في الحديث القدسي: .... وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه.... يؤخذ من قوله ما تقرب إلخ إلى النافلة لا تقدم على الفريضة لأن النافلة إنما سميت نافلة لأنها تأتي زائدة على الفريضة فما لم تؤد الفريضة لا تحصل النافلة.... فتبين أن المراد من التقرب بالنوافل أن تقع ممن أدى الفرائض لا من أخل بها كما قال بعض الأكابر من شغله الفرض عن النفل فهو معذور ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور.
فلتحذر هذه المرأة أن تكون من المغرورين الذين يقدمون النوافل على الفرائض التي من جملتها حق زوجها وطاعته في المعروف، وأما قول الزوج لهذه المرأة هذا القرآن لعنة عليك فلا يجوز وعليه أن يستغفر الله من ذلك، لأن القرآن ليس لعنة على المؤمن إنما هو رحمة وشفاء، ونسأل الله أن يصلح ما بينكما إنه ولي ذلك والقادر عليه.
والله أعلم.