الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولًا أن الغضب لا يتنافى مع أهلية التكليف، بل الغضبان مكلّف، إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون قد صدر منه القول أو الفعل، وهو غير مدرك لما يقول، قال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ، وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ كُفْرٍ، وَقَتْلِ نَفْسٍ، وَأَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَطَلَاقٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. وراجعي الفتوى: 167817.
وكونه يتكرر منه سب الدِّين كلما غضب، قد يكون دليلًا على نوع من الاستخفاف، وعدم المبالاة، وهذا أمر خطير.
وعلى تقدير كونه مدركًا لما يقول عند سبّه الدِّين، فلا تمكّنيه من نفسك، ولا من معاشرتك؛ حتى تعرضي أمرك على القاضي الشرعي، أو من يقول مقامه من أهل العلم الثقات.
وعلى تقدير كونه معذورًا، فالعصمة باقية بينكما، ولا يلزمك فراقه.
ويبقى النظر فيما ذكرت عنه من تركه الصلاة إلا قليلًا؛ فترك الصلاة أمر عظيم، وكبيرة من كبائر الذنوب، بل ذهب بعض الفقهاء إلى كفر من تركها، ولو تكاسلًا، كما هو مبين في الفتوى: 1145.
فالواجب أن ينصح، ويُذكَّر بالله تعالى، فإن تاب وأناب واستقام في المحافظة على الصلاة؛ فالحمد لله، وإلا فالأفضل لك مفارقته، فلا خير لك في البقاء في عصمة مثله، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحبّ لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.
وبقاؤك معه -وهو على هذه الحالة-؛ قد يضرّ بك وبأولادك، وقد ذكرت أنك بسببه ضعف إيمانك وهمّتك إلى عمل الطاعات، وقد يتأثّر به الأولاد، ويكتسبون منه رِقة الدِّين، وسوء الأخلاق.
والظاهر -والله أعلم- أن أمر الفراق، وطلب الطلاق -والحالة هذه- ليس محلًّا للاستخارة؛ لأن الاستخارة تكون في المباح مستوي الطرفين، وطلب الطلاق هنا مستحب، كما في الكلام الذي نقلناه عن البهوتي.
وتراجع الفتوى: 239488.
والله أعلم.