الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ينبغي للمسلم أن يكثر من الحلف، فإن كثرة الحلف مذمومة شرعًا، قال الله تعالى: وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ {البقرة:224}. وقال تعالى: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ {المائدة:89}.
والأصل أن من حنث في يمينه، تلزمه كفارة واحدة ولو عاد للمحلوف عليه، إلا أن هناك أدوات للشرط تقتضي تكرار الكفارة بتكرار الحنث، وقد ذكرنا ذلك في الفتوى: 136912.
وإذا كنت تشك هل كانت صيغة يمينك تدل على التكرار بأن قلت: كلما. أم لا؟ فلا تتكرر عليك الكفارة بتكرر الحنث؛ لأن الأصل براءة الذمة من ذلك حتى يثبت يقينا، فالمحقق هو لزوم كفارة واحدة بسبب الحنث، وما زاد عليها مشكوك فيه حتى يحصل يقين بوجوده.
ويدل له قول العز بن عبد السلام في قواعد الأحكام في مصالح الأنام: ومنها استصحاب الأصول كمن لزمه طهارة أو صلاة أو زكاة أو حج أو عمرة أو دين لآدمي، ثم شك في أداء ركن من أركانه، أو شرط من شرائطه، فإنه يلزمه القيام به؛ لأن الأصل بقاؤه في عهدته.
ولو شك هل لزمه شيء من ذلك، أو لزمه دين في ذمته، أو عين في ذمته، أو شك في عتق أمته أو طلاق زوجته، أو شك في نذر، أو شيء مما ذكرناه. فلا يلزمه شيء من ذلك؛ لأن الأصل براءة ذمته، فإن الله خلق عباده كلهم أبرياء الذمم والأجساد من حقوقه وحقوق العباد، إلى أن تتحقق أسباب وجوبها. اهـ.
ولا يلزمك إلا صوم يوم واحد ـ لأجل الحنث- إذا ترجح لديك أنه المقصود؛ كما ذكرتَ.
جاء في الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع الخطيب الشربيني -الشافعي- أثناء الحديث عن النذر المعلق: (كقوله: إن شفى الله) تعالى (مريضي) أو قدم غائبي، أو نجوت من الغرق، أو نحو ذلك (فلله) تعالى (علي أن أصلي، أو أصوم، أو أتصدق. ويلزمه) بعد حصول المعلق عليه (من ذلك) أي من أي نوع ما التزمه عند الإطلاق (ما يقع عليه الاسم) منه وهو في الصلاة ركعتان على الأظهر بالقيام مع القدرة، حملا على أقل واجب الشرع. وفي الصوم يوم واحد؛ لأنه اليقين، فلا يلزمه زيادة عليه. اهـ باختصار.
ويجزئك إخراج كفارة اليمين مما يعطيه لك والدك، فإن عجزت، فإنك تصوم ثلاثة أيام، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في الفتوى: 160039 وهي بعنوان:"صفة من يحل له الانتقال إلى الصوم في كفارة اليمين"
والواجب عليك الإقلاع فورا عن تلك المعصية التي ذكرتها، مع المبادرة إلى الله بالتوبة الصادقة.
وراجع لمزيد الفائدة عمّا يعين على ترك المعاصي، الفتوى: 114475, وعن خطورة المعاصي ومفاسدها، انظر الفتوى: 206275
والله أعلم.