الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس عليك شيء من إثم ظلم أخيك لأخواتك، ما دمت لم تعنه على الظلم، ولم ترض به، والله تعالى لا يؤاخذ المرء بجريرة غيره، وقد قال سبحانه وتعالى: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ {الطور:21}، وقال سبحانه: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ {المدثر:38}، وفي الحديث: أَلَا لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ، لَا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِهِ، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.
وإذا كنت قادرا على كف أخيك عن الظلم، وتمكين أخواتك من أخذ حقن؛ فإنه يجب عليك ذلك، فنصر المظلوم واجب، كما بيناه في الفتوى: 155463.
وترك نصر المظلوم مع القدرة سبب من أسباب عذاب القبر، فقد جاء في الحديث: أَمَرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يُضْرَبَ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ وَيَسْأَلُ حَتَّى صَارَتْ جَلْدَةً وَاحِدَةً، فَامْتَلأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ فَأَفَاقَ، قَالَ: لِمَ جَلَدْتُمُونِي؟ قَالَ: إِنَّكَ صَلَّيْتَ صَلاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَمَرَرَتْ بِمَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ. اهـــ، والحديث أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وإذا كان هذا عذاب من لم ينصر المظلوم، فكيف بعذاب الظالم نفسه -والعياذ بالله-؟
وإذا لم يكف أخوك عن ظلمه، فارفعوا الأمر إلى المحكمة، حتى تمكن الورثة من أخذ حقهم من العقار فورا دون مماطلة، وليس في رفع دعوى عليه في المحكمة إثم ولا قطيعة رحم. وانظر الفتوى: 283534.
والله أعلم.