الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزم أن يكون الطحاوي -رحمه الله- موافقا لما قاله متأخرو الحنفية، واستقر عندهم من الفروع. والطحاوي -رحمه الله- من العلماء الكبار الذين لهم اختياراتهم واجتهاداتهم التي قد تخالف مذهب الحنفية، ثم إن الحنفية غير متفقين على هذا الفرع.
قال الحصكفي في الدر المختار: تعمد الصلاة بلا طهر، غير مكفر. انتهى.
والقائلون بالتكفير منهم لا يخالف كلامهم كلام الطحاوي؛ لأنهم عللوا الكفر في هذه الصورة بالاستخفاف، وهو في معنى الجحود.
قال ابن عابدين في الحاشية: الْمُوجِب لِلْإِكْفَارِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُوَ الِاسْتِهَانَةُ، فَحَيْثُ ثَبَتَتْ الِاسْتِهَانَةُ فِي الْكُلِّ تَسَاوَى الْكُلُّ فِي الْإِكْفَارِ، وَحَيْثُ انْتَفَتْ مِنْهَا تَسَاوَتْ فِي عَدَمِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ حُكْمُ الْفَرْضِ لُزُومَ الْكُفْرِ بِتَرْكِهِ، وَإِلَّا كَانَ كُلُّ تَارِكٍ لِفَرْضٍ كَافِرًا، وَإِنَّمَا حُكْمُهُ لُزُومُ الْكُفْرِ بِجَحْدِهِ بِلَا شُبْهَةٍ دَارِئَةٍ. اهـ مُلَخَّصًا. أَيْ وَالِاسْتِخْفَافُ فِي حُكْمِ الْجُحُودِ. انتهى.
وبه يزول عنك الإشكال، ويتضح مناط الحكم بالكفر عند الحنفية في بعض المسائل المشار إليها.
والله أعلم.