الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من أهم مقاصد الإسلام في تشريع الزواج ديمومته، واستقرار الحياة الزوجية، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.
ومن أهم ما يعين على ذلك جانب الدين والخلق، روى الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.
فهذا الجانب هو المعيار الأهم، فينبغي أن يكون محل نظرك، فإن كان متحققاً في الخاطب، فالمرجو أن لا يكون لغير ذلك من الفوارق تأثير سلبي كبير؛ لأن الزوج حينئذ يعرف لزوجته مكانتها، ويحرص على أن يؤدي إليها حقها عليه.
جاء في الأثر الذي أورده البغوي في شرح السنة عن الحسن البصري أنه أتاه رجل، فقال: إن لي بنتًا أحبّها، وقد خطبها غير واحد، فمن تشير عليّ أن أزوجها؟ قال: زوِّجها رجلًا يتقي الله، فإنه إن أحبّها، أكرمها، وإن أبغضها، لم يظلمها.
والمقصود بيان أهمية الدين والخلق، ولا يعني ذلك بحال إغفال الجوانب الأخرى، فكلما قلَّت الفوارق بين الزوجين كان ذلك أدعى للألفة والمودة.
وعلى أي حال، فإن بدا لك أنه لا يصلح لك زوجا، وأن التفاهم بينكما غير متحقق؛ فحاولي إقناع والدك بفسخ الخطبة.
فإن اقتنع؛ فالحمد لله. وإلا فلك الحق في فسخها؛ لأنه ليس من حقه أن يلزمك بالزواج ممن لا ترغبين في الزواج منه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فلا يكون عاقاً، كأكل ما لا يريد. اهـ.
وننبه إلى أن هنالك حدودا شرعية للتعامل بين الخاطبين لا يجوز تجاوزها، ويمكن مراجعة الفتوى: 8156.
والله أعلم.