الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمجاهدة النفس تكون بحملها على فعل ما تكره حتى تعتاده وتألفه، فهي تحب المعصية، فتجاهدها حتى تتركها بأن تحملها على تركها حتى يسهل عليك الترك. وهي تكره الطاعة، فتحملها على الطاعة حملا بلين ورفق وأناة، حتى تستقيم لك، وتطيعك فيما تريده منها.
وشرط المجاهدة الاستعانة بالله -تعالى- والإخلاص له، فمن استعان بالله وأخلص له، وصدق في مجاهدة نفسه؛ فإنه لا يكاد يخيب بإذن الله، قال تعالى: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ {العنكبوت:69}.
وأما ما يقع في نفسك من شعور بالضيق ونحو ذلك، فإنه لا يضرك ولا تأثم به، بل أنت مأجور على كبت هذا الشعور وعدم إظهاره.
واستمر في الأخذ بالأخلاق الفاضلة والعمل بها، حتى تكون ملكة راسخة لك. فإن الحلم بالتحلم، والعلم بالتعلم، والصبر بالتصبر. وأما ما يقع في نفسك من حديث النفس والوساوس التي تكرهها؛ فإنها لا تضرك، ولا تؤثر في إيمانك والحمد لله، بل إن كراهتك لها دليل على صدق إيمانك، فعليك أن تستمر في مجاهدتها والإعراض عنها حتى يذهبها الله -تعالى- بمنه وكرمه.
والله أعلم.