الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا نرى حرجا في قراءة كتب النوادر والطرائف، وكتب الأدب، ولو كان فيها شيء مما ذكرته السائلة.
وقد ألف العلماء ونقلوا في كتبهم أشعار العرب في الجاهلية قبل الإسلام وبعده، كأشعار أبي نواس مع ما فيها من المجون ولم يروا ذلك محرما. وألف ابن الجوزي كتابه: أخبار الحمقى والمغفلين، وذكر فيه جملة من الطرائف، وعقد بابا في أخبار المغفلين من القراء والمصحفين وإصرار بعضهم على التصحيف، ومن ذلك ما ذكره عن محمد بن أبي الفضل قال: قرأ علينا عبد الله بن عمر بن أبان "ويعوق وبشراً" فقال له رجل إنما هو ونسراً، فقال: هو ذا فوقها نقط مثل رأسك. وقال أبو العباس بن عمار الكاتب: انصرفت من مجلس مشكدانة، فمررت بمحمد بن عباد بن موسى فقال: من أين أقبلت؟ فقلت: من عند مشكدانة، فقال: ذاك الذي يصحف على جبرائيل.
كما ذكر ابن الجوزي في هذا الباب جملة مما ورد عن المحدث الإمام عثمان بن أبي شيبة من التصحيف في قراءة القرآن، ومن ذلك ما قاله محمد بن الحسين قال: قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة في التفسير، وإذا بطشتم بطشتم خبازين يريد قوله "جبارين".
وما قاله الدارقطني: قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة في التفسير: "فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رجل أخيه" فقيل له: "السقاية في رحل أخيه" فقال: أنا وأخي أبو بكر لا نقرأ لعاصم.
وقال القاضي المقدمي: قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة جعل السقاية في رجل أخيه فقيل له: "في رحل أخيه" فقال: تحت الجيم واحدة. وعن محمد بن عبد الله الحضرمي أنه قال: قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة: فضرب بينهم سنور له ناب، فقيل له إنما هو "بسور له باب" فقال: أنا لا أقرأ قراءة حمزة.
وغير ذلك كثير، فمثل هذه الأخبار الطرائف تُنقل وتقرأ من غير نكير من العلماء.
والله أعلم.