الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكل من دان بغير الإسلام فهو كافر في الدنيا، فإن من بلغته الرسالة المحمدية على وجهها الصحيح، وقامت عليه الحجة ثم مات على ذلك فإنه من أهل النار، ولا ينفعه ما عمل من الخير في حياته إذ أحبط ذلك كله الشرك بالله تعالى، قال الله عز وجل: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ(المائدة: من الآية5)، وقال: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً (الفرقان:23)، إلا أن الله لا يظلم الناس شيئاً، فما فعله الكافر في الدنيا من الخير يجازى به فيها كما في الصحيح: إن الله لا يظلم مؤمناً حسنة يعطى بها في الدنيا والآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها. رواه مسلم.
وقد سبقت لنا فتوى مفصلة في معنى قيام الحجة وحكم أولئك الذين بلغهم الإسلام مشوهاً، فراجعها تحت رقم: 39870.
وأما الآية الكريمة فمعناها أن من قال ذلك ممن مضى فهو كافر، ومن قال به الآن فهو كافر، ومن قال به بعد قرون فهو كافر، وهذه الآية نزلت بعد أن قيلت هذه الكلمة، وتقرر التثليث عند النصارى، فخوطب بها النصارى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى ينزعوا عن دين أصحاب هذه المقالة الكفرية، فإذا لم ينزعوا فهم مثل أسلافهم الكفار، ولا فرق، فإن من تابع الكفار على كفرهم ورضي بمقالتهم فهو كافر مثلهم، وكل من لم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر سواء اعتقد تلك المقالة أو لم يعتقدها.
والله أعلم.