الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنطق الصحيح وتجويد القرآن لا يكون بفهم القواعد، وإنما يكون بتدريب اللسان، وتعويده على ذلك، وهذا يحتاج إلى مِراسٍ وتمرين كثير؛ حتى يستقيم لسانه، ويعتاد النطق السليم؛ ولذلك قال الحافظ ابن الجزري في المقدمة الجزرية:
وليس بينهُ وبين تركهِ ... إلا رياضةُ امرئ بفكِّهِ
وقال في «النشر في القراءات العشر»: لا أعلم سببًا لبلوغ نهاية الإتقان والتجويد، ووصول غاية التصحيح والتشديد، مثل رياضة الألسن، والتكرار على اللفظ المتلقى من فم المُحسِن، وأنت ترى تجويد حروف الكتابة كيف يبلغ الكاتب بالرياضة، وتوقيف الأستاذ، ولله در الحافظ أبي عمرو الداني -رحمه الله- حيث يقول: ليس بين التجويد وتركه إلا رياضة لمن تدبره بفكه، فلقد صدق وبصر، وأوجز في القول وما قصر. اهـ.
وإذا تعوّد اللسان على النطق الصحيح، بالتدريب، وكثرة السماع، والتطبيق، صار الالتزام بأحكامه تلقائيًّا، سواء في القراءة في المصحف، أم من الحفظ، ولكن المسألة تحتاج إلى صبر، ومداومة، كالذي يتعلم تحسين خطّه، وتجويد حروف الكتابة .. لا يزال يتعلّم ويتدرّب؛ حتى يطابق خطه قواعد الخط الحسن.
وراجع في بيان الطريقة الصحيحة لمعالجة مشكلة النطق الفتويين: 31379، 112174.
ثم ليبشر السائل، فما دام يتدرب ويتعلم، فهو على خير؛ حتى وإن اقتصر في البداية على حفظ القليل، ولا يتجاوزه؛ حتى يجيد نطقه.
وحسبه في البداية أن ينطق الحروف صحيحة الشكل (حركات الحروف من الفتح، والضم، والكسر، والسكون)، فهذا القدر هو المتفق على لزومه في حفظ القرآن، وراجع في ذلك الفتوى: 253360.
والله أعلم.