الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمثل هذا الكسب الخبيث لا يُردُّ إلى من دفعه برضاه، بعد أن استوفى عوضه المحرم، وإنما يتوب منه مكتسبه، ويتخلص منه بإنفاقه في أوجه الخير، وأعمال البر، قال ابن القيم في زاد المعاد: إن كان المقبوض برضا الدافع، وقد استوفى عوضه المحرم، كمن عاوض على خمر، أو خنزير، أو على زنى، أو فاحشة؛ فهذا لا يجب رد العوض على الدافع؛ لأنه أخرجه باختياره، واستوفى عوضه المحرم، فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض عنه؛ فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان ... ولكن لا يطيب للقابض أكله، بل هو خبيث، كما حكم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن خبثه لخبث مكسبه، لا لظلم من أخذ منه، فطريق التخلص منه، وتمام التوبة بالصدقة. اهـ. وانظر الفتوى: 172127.
وعلى ذلك؛ فلا يلزم السائل إلا التخلص مما بقي معه من هذا المال، بل له -إن كان محتاجًا- أن يأخذ منه لنفسه، ولمن تلزمه نفقته بقدر الحاجة، أسوة ببقية الفقراء، كما يجوز له إن كان يحسن التجارة، أو امتهان صنعة يتكسب منها، أن يأخذ من هذا المال ما يكفيه لتجارته، أو صنعته، وراجع في ذلك الفتوى: 436576.
والله أعلم.